اقتراح تعاقد المعيدين- تجاهل لآلية الاختيار وتحديات ما بعد الدكتوراه.

المؤلف: سعيد السريحي08.16.2025
اقتراح تعاقد المعيدين- تجاهل لآلية الاختيار وتحديات ما بعد الدكتوراه.

من بين الاقتراحات الغريبة والمدهشة، يبرز ذلك الاقتراح الذي تقدمت به اللجنة المؤقتة المكلفة بمهام مجلس التعليم العالي، والذي يتعلق بالجامعات السعودية، حيث ارتأت اللجنة عدم تثبيت المعيدين في الجامعات بشكل مباشر، واقترحت استقطابهم عن طريق نظام التعاقد لفترة زمنية محددة، على أن يتم تثبيتهم لاحقًا بعد التأكد من كفاءتهم ومستواهم العلمي المتميز.

ولكن الإشكالية الأكبر لا تكمن في حالة القلق والتردد الذي يسببه هذا المقترح للمعيدين الذين يتم اختيارهم من قبل الجامعات، والذين يتطلعون إلى مستقبل وظيفي مستقر يمكنهم من التفرغ لدراساتهم العليا الهامة، بل تتعدى ذلك إلى تجاهل حقيقة مفادها أن الجامعات غالبًا ما تنتقي المعيدين من بين خريجي كلياتها المتميزين، وهذا يعني أنها كانت على اطلاع دائم على أدائهم ومستواهم طيلة أربع أو خمس سنوات، وتعرف جيدًا من هو الجدير بالثقة والتقدير ليحظى بفرصة استكمال دراساته العليا والانضمام إلى أعضاء هيئة التدريس الموقرة، وبالتالي، يصبح اقتراح اللجنة المؤقتة غير منطقي وغير متسق مع الآلية المتبعة في اختيار المعيدين، وكأن اللجنة تعمل في معزل تام عن الواقع.

إن المشكلة الحقيقية التي لم تنتبه إليها اللجنة المؤقتة، والتي تمثل تحديًا كبيرًا في العديد من الجامعات، تتمثل في تلك الأزمة التي تظهر بعد حصول المعيدين والمحاضرين على شهادة الدكتوراه وتعيينهم كأساتذة مساعدين، حيث يميل الكثير منهم إلى الاسترخاء والاكتفاء بما قاموا بكتابته في رسالتي الماجستير والدكتوراه، وربما كذلك بما قاموا بقراءته من مصادر وكتب خلال فترة إعدادهم لتلك الرسائل، ولعل أبرز مظاهر هذه الأزمة هو التكدس الكبير للأساتذة المساعدين في الجامعات، حتى أصبح الحاصلون على درجة الأستاذية قلة قليلة، والعديد منهم يتوقف مساره العلمي بعد حصوله على درجة الأستاذية التي سعى إليها جاهدًا من خلال أبحاثه التي تهدف إلى الترقية، فإذا ما تحقق له ذلك، فإنه يدخل في سبات عميق لا يوقظه منه إلا شبح التقاعد.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة